هوامش :
- :القُماري : أنواع من الحمام الحسنة الصوت .
- عِلق : نفيس
ثانيَ اثنينِ إذْ هما في الغارِ=والنَّجاوى قُمريَّةُ استبشارِ
و رحابُ الوجودِ تهتزُّ شوقًا=بين نفحِ العَرارِ والجلَّنارِ
والصحارى فجاجُها عابقاتٌ=بالخُزامى على رفيفِ القُماري (1)
والمفازاتُ مُجتليها قصيٌّ=عن أحاديثِ وحشةٍ وانكسارِ
قد تباهوا بما رأى ، وتغنَّوا= بأماني الورى أولو الأيصارِ
إذ جفاهم بنو العشيرةِ ظلما=و رمتْ مجدَهم يدُ الغدَّارِ
أَوَمَا أضمروا المكائدَ لكنْ=فضحتْهم عنايةُ الجبَّارِ !!
خسئَ الكفرُ ما تناءى بيومٍ=عن قبيحِ النيَّاتِ والأوضارِ
رامَ قتلَ النَّبيِّ ، واللهُ يأبى=مايرومُ الأعداءُ بالمختارِ
جلَّ ربي ، فلن ينالَ الأعادي=بالأيادي { مُحَمَّدًا } و الشِّفارِ
فله الحبُّ والقلوبُ فداءٌ=إذ تنادتْ تفديه بالأعمارِ
و صلاةٌ من الإلهِ عليه=وسلامٌ يطيبُ بالأسحارِ
وهو الكفرُ ظلمةٌ و انتكاسٌ=لذميمِ النفوسِ ذاتِ العارِ
أدركَ الذُّلَّ والهزيمةَ رغمَ.=. الصَّلفِ المستفزِّ في المضمارِ
بينَ جمعٍ من العتاةِ ، وجمعٍ=من بني الزيغِ والهوى والتَّبارِ
ومن الأقزامِ القِصارِ تنادَوْا=تحتَ راياتِ حاقدٍ خوَّارِ
حيثُ مدُّوا أعناقَهم ، فلواها=ما على الأفقِ من سُمُوِّ الفخارِ
* * *=* * *
أيسبُّونَ ويلهم مَنْ أتى الكونَ.=. رسولا بالذكرِ و الأنوارِ ؟!
أمْ يرومون حربَ دينٍ بريءٍ=من فصولِ التَّحريفِ والإنكارِ ؟!
بئستِ الأنفُسُ اللعينةُ ترمي=سيِّدَ الخلقِ بالأذى والشَّنارِ
هم حثالاتُ خِسَّةٍ أفرزتْها=عربداتُ النفوسِ للإضرارِ
لو أتاهم عيسى عليه من اللهِ .=. سلامٌ لردَّهم باحتقارِ
و جفاهم وصبَّ لعنتَه اليومَ. =. عليهم في ليلِهم والنَّهارِ
أنبياءُ اللهِ الكرامُ جميعًا=في إخاءٍ ، والدّينُ دينُ الباري
لعنَ اللهُ مَنْ طغى وأبى الخيرَ.=. أتاهُ من بارئٍ غفَّارِ
وتعامى فما له من ضياءٍ=وتمادى فما له من قرارِ
كيفَ لايسمعُ الأذانَ يدوِّي=بنداءِ الشَّهادتينِ السَّاري ؟!
لا إلهًا . إلا الذي قد برانا=و حبانا بهديِه المعطارِ
ويليها مُحَمَّدٌ شهدَ الكونُ.=. فطوبى للمصطفى بالوقارِ
وعليه الإلهُ صلى ، وهذا=من معاني التقديرِ والإكبارِ
والصَّعاليكُ والأبالسةُ الغربُ.=. سقاهم غسلين ، هذا الشَّاري
فاتركوهم لهولِ يومٍ عظيمٍ=وعليهم ثيابُهم من قارِ
إنها الخِسَّةُ البغيضةُ أودتْ=ببناءِ الحضارةِ المنهارِ
والعداواتُ شأنُهم ، جمعوها=من قديمِ العهودِ و الأسفارِ
* * *=* * *
صفحاتٌ من هجرةٍ أثبتتْها=عزماتُ البواسلِ الأبرارِ
ناجزوا الكيدَ واشمخرُّوا أُباةً=في وجوهِ الأذلَّةِ الكفَّارِ
حسبُهم أنهم جنودُ نبيٍّ=جاءَ بالوحي هاديًا و المنارِ
منذرًا أهلَ جفوةٍ وضلالٍ=عن طريقِ الإلحادِ و الأخطارِ
ودعاهم إلى المثاني ليرْقَوْا=بمعاني التوحيدِ في الأمصارِ
غلبتْهم نفوسُهم فأناخوا=حولَ غيِّ الأهواءِ و المزمارِ
مالهم من عِلْقٍ يجدِّدُ فيهم=عزمَ صيدٍ تفلتوا من عثارِ (2)
لم يزالوا عبيدَ بطنٍ وفرجٍ=و أخلاَّءَ للهوى و العارِ
أَوَترقى الشعوبُ لمَّا تخلَّتْ=عن معالي نفائسِ الآثارِ ؟!
وتناءتْ عن الصحائفِ بيضًا=وتهاوتْ على سوادِ البوارِ ؟!
* * *=* * *
أَتُرانا نظلُّ نركعُ للظلمِ.=. ونشكو من مُديةِ الجزَّارِ ؟!
و نغنِّي والكوبُ يطفحُ خمرًا=والليالي زخَّارةٌ بالعُقارِ ؟!
حولَ رجسِ الدَّعارةِ ابتدرتْها=ماجناتٌ خلعْنَ كلَّ ستارِ ؟!
و نوالي شقيَّ فكرٍ ذميمٍ=ينهقُ اليومَ بيننا كالحمارِ ؟!
ونجيدُ التَّصفيقَ إنْ همْ تنادَوْا=لقراراتِ عصبةِ الأشرارِ ؟!
وألنَّا نفوسَنا لهُراءٍ =و لزيفٍ مُذمَّمِ الأفكارِ
* * *=* * *
آنَ للدهرِ أن تدورَ رحاهُ=بيدِ المؤمنين بعدَ إسارِ
ليعيدوا وجهَ الزمانِ بسيمًا=يتثنَّى كأبهجِ الأزهارِ
و يولِّي عن القلوبِ الحزانى=ما عراها من غلظةِ الأكدارِ
لن يموتَ الربيعُ فالنسغُ يجري=في عروقِ الرجالِ كالأنهارِ
وتزولُ الوجوهُ إلا وجوهًا=نضَّرتْها حلاوةُ الأذكارِ